معطيات الرياضيات ذات دلائل مباشرة يصعب رفضها. لهذا السبب، ومن الناحية النظرية، فإن ماأطلق عليه تعبير "ثقب الدودة" wormholes امر ممكن، ولكن ان يكون موجود عمليا فهذه قضية مختلفة. ولكن، لربما الان سنستطيع الحصول على جواب حول ماإذا كان " الثقب" موجود فعلا. العالم الروسي Alexander Shatskiy, يعتقد انه تمكن من العثور على طريقة تجعل من الممكن التعرف على ممر " ثقب الدودة"، إذا كان مثل هذا الثقب موجود فعلا.
الاسم جاء من مشابهة الامر مع ماتفعله الدودة في التفاحة لتخترقها من وسطها فيصبح الطريق اقصر (بغض النظر عن ان الدودة لاتفعل ذلك لإختصار الطريق). مثل هذه الطريقة تعتبر فعالة للغاية لتقصير المسافات الكونية. من خلال ربط نقطتين منفصلتين في الزمان والمكان مع بعض يمكن خلق مايشبه الجسر بين النقطتين، وبالتالي يصبح من الممكن الانتقال اسرع بين النقطتين، بغض النظر عن المسافة التي تفصلهم فعلا، وبغض النظر عما إذا كانوا في البعد ذاته (بإعتبار ان الكون متعدد الابعاد).
بتعبير اخر ابسط، يمكن القول ان " ثقب الدودة" ينشأ بسبب الضغط الناشئ عن جسمين كبيرين في مكانين مختلفين من الكون بحيث يؤدي ذلك الى نشوء إنحنائيين (كالحفرة) في الزمكان. في النهاية يلتقي قعري هاذين الاتحنائيين ليتشكل نفق في الزمكان.
ان " ثقب الدودة" هو من الناحية النظرية امر ممكن، نعلمه سابقاً، إذ في الحقيقة ان نظرية النسبية العامة لاينشتاين هي التي توقعت وجوده. ولكن البرهان على إمكانية هذا الوجود جاءت من الرياضيات. غير انه ليس لدينا لحد الان مايشير الى وجود فعلي لمثل هذا الثقب عدا على الورق.
غير اننا اليوم نخطو خطوة الى الامام للوصول الى معرفة مدى واقعية مثل هذه النتائج الرياضية. احد اكبر المعوقات لمعرفة فيما إذا كان مثل هذه الثقب هو ظاهرة طبيعية موجودة هو إنعدام الوسائل لدينا التي تسمح لنا بالتفريق بين الثقب الاسود وثقب الدودة. غير ان الطريقة التي يقترحها العالم الروسي الكسندر تفترض ان الضوء يمكن ان يساعدنا على التفريق بينهم.
بالرغم من ان تعريف " الثقبين" يشير الى ان كلاهما غير مرئيين، إلا ان من الاسهل " رؤية" الثقب الاسود. من اسباب قدرتنا على رؤية الثقب الاسود ان حقل جاذبيته الهائل تجعل من الممكن تشبيهه بالعدسة الكونية الهائلة عندما تقوم بحرف الضوء القادم من الاجسام الواقعة خلف الثقب الاسود. انحراف الضوء يسمح لنا " برؤية" الثقب الاسود.
غير ان العالم الكسندر شاتسكي يشير الى ان " ثقب الدودة" له خصائص مختلفة (عكس الثقب الاسود) ولذلك فهو يقوم بحرف الضوء بطريقة مختلفة. من اجل ابقاء " ثقب الدودة" في حالة مفتوحة لابد من وجود مادة ذات خصائص نادرة تصل الى حد اللامعقول. هذه المادة، التي حتى الان ليست معروفة، اطلق عليها شاتسكي اسم " المادة الشبحية" وتحتاج ان تملك طاقة سالبة ووزن (حجم) سالب.
هذه المادة الشبحية هي عكس المادة، وتقدم، حسب حسابات شاتسكي، خاصة مميزة للغاية. عوضاً عن ان يقوم " ثقب الدودة" بحني خط مسيار الضوء، كما يفعل الثقب الاسود، يقوم بنشره، بفضل الخواص العكسية للمادة الشبحية. إذا كانت اقوال شاتسكي صحيحة سيتشكل حول " ثقب الدودة" حلقات ضوئية، يمكن استخدامها للتعرف على هذه الظاهرة وتفريقها عن الثقب الاسود.
الحلقات الضوئية تتشكل من الضوء القادم من الجهة الاخرى للثقب، وهو الضوء المنبعث من نجوم موجودة مباشرة خلف الثقب، تضئ النفق الذي تعبره بدون ان تتأثر.
من اجل الحصول على فرصة لرؤية مدخل من مداخل ثقوب الدودة، كالتي يتوقعها شاتسكي، يحتاج الامر الى وسائل تكنولوجية متقدمة للغاية. ولحسن الحظ تقوم روسيا الان ببناء مشروع من المحتمل ان يتمكن من انجاز المهمة. هذا المشروع يسمى ميليمترون Millimetron, وعبارة عن مرصد فضائي شديد الحساسية، جزءه الاول سيكون في مداره الفضائي عام 2016(حسب الخطة).
بمساعدة جهاز دقيق من هذا النوع، ينبغي ان نتمكن من التأكد من مدى صحة حسابات شاتسكي على ارض الواقع، من خلال توجيه الراصد للبحث عن الضوء المميز له في مناطق مركز النجوم، حيث يفترض ان مثل هذه الظاهرة له فرصة للوجود هناك. عدا عن " ثقب الدودة" سيكون من واجب مشروع ميليميترون ان يبحث عن حياة خارج الارض على من خلال البحث عن مشاريع كونية الابعاد.
بمناسبة افتتاح المُسرع الهائل Large Hadron Collider (LHC), الموجود تحت الارض خارج جنيف في سويسرا، قدم العالمان الروسيان Irina Arefeva and Igor Volovich, من معهد ستكلوف للرياضيات في موسكو، توقعات مثيرة للغاية، إذ يقولون ان كمية الطاقة التي ستنبعث عند تصادم الجزيئات مع بعضها في المُسرع، الذي يعتبر الاكبر في العالم، ستكون كافية لحصول تبعات لايمكن تصورها. بعض الحسابات تصل الى حد ان الزمكان على صدمة قد تكون كافية لفتح " ثقب دودة". غير انهم لايتوقعون ان يؤدي ذلك الى عبور الاشياء الى مكان اخر في الكون، ولكن لربما ثقب في الزمان وحده. بمعنى اخر من الممكن ان يكون هذا المُسرع هو ماكينة الزمن الاولى.
غير ان " ثقب الدودة" الذي يحتمل ان ينشأ سيزول على الفور وسيكون من الصغر بحيث انه لن ينفذ منه الا جزئيات ذرية. ولكن إذا نشأ الثثقب بنتجية نشاط المُسرع فسيكون ذلك برهانا كافيا على وجوده طبيعيا. قليل من الطاقة يفترض ان تختفي من المُسرع في الثقب الصناعي، وهذا سيكون من الممكن حسابه. غير ان كل ذلك لازال في حيز " التوقع".
ان نحدد مكان " ثقب دودة" ليست هي العقبة الوحيدة التي تقف بيننا وبين ان نصل الى جميع ابعاد الكون. حتى لو كانت مثل هذا الثقب موجود، فمن الصعوبة بمكان ان نتمكن من استغلاله، على الاقل في ظل مانملكه اليوم من ادوات وتقنية. إضافة الى ذلك فإن وجود " ثقب دودة" مستقر وبمتناول اليد لايكفي. ان نقل شئ ما خلال مثل هذا النفق يحتاج الى الكثير من الامكانيات قد تصل الى حد الاستحالة. لكل هذه الاسباب فإن ذلك الوقت الذي سنستطيع فيه الانتقال خلال نفق الزمكان لازال بعيدا.